شهد الشهر الماضي منعطفاً دبلوماسياً مهماً بالنسبة إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ تمثل في دعوته رؤساء خمس دول في آسيا الوسطى إلى مدينة شيان لعقد القمة المشتركة الأولى من نوعها بين الجانبين، وتميزت تلك الفعالية التي تخللتها احتفالات تليق بحفل افتتاح الألعاب الأولمبية بالبذخ حتى بالمعايير الصينية، وبفضلها شق الغزو الصيني طريقه رسمياً عبر منطقة لا تزال تعتبر إلى اليوم وبصورة مستمرة الفناء الخلفي لروسيا والمجال الحيوي لتمددها ونفوذها.
ووسط مظاهر البذخ والإسراف أبى شي وضيوفه من كازاخستان وقيرغيزستان وطاجكستان وتركمانستان وأوزبكستان إلا أن يتبادلوا تعابير الإطراء، مما حدا ببعض المراقبين إلى إعلان وجود صراع صيني – روسي على آسيا الوسطى حققت فيه بكين للتو انتصاراً على حساب الكرملين.
والحقيقة أن القوة التي تمارسها الصين وروسيا في آسيا الوسطى معقدة ودقيقة، وإذا أخذ نفوذها في التصاعد فذلك لأنه لا يهدد بأي شكل من الأشكال هيمنة موسكو الفعلية على آسيا الوسطى، وكذلك يتميز تداخل المصالح وسبل التعاون بين الدولتين بأنه أقوى بكثير من أية منافسة أخرى بينهما، ولربما روسيا اليوم في طريقها لأن تصبح شريكاً صغيراً ضمن شراكة عميقة وغير متكافئة مع الصين، لكن على مستوى آسيا الوسطى لا تزال موسكو القوة المهيمنة ورغبتها أكبر من أي وقت مضى في مد أواصر التعاون والتنسيق مع الصين.
واستطراداً، يدل هذا النفوذ المتزايد لبكين في المنطقة على تبدل في دول آسيا الوسطى بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على استقلالها عن الاتحاد السوفياتي، إذ تحولت تلك الدول إلى جهات سياسية إقليمية فاعلة بذاتها بعدما كانت مجرد أهداف لمصالح القوى العظمى ومطامعها، وفي الوقت الحاضر ينبغي على بلدان المنطقة الخمسة جميعها أن تحسن التعامل مع صعود الصين وعدوانية روسيا والانشقاق المتفاقم بين الغرب وهاتين الجارتين، ولتحقيق هذه الغاية سيتوجب عليها تقديم الدعم لبوتين من دون أن تدير ظهرها بالكامل للغرب، وأن تحتضن الصين مع اتخاذ الحيطة والحذر في رهاناتها بمساعدة روسيا.
وفي المقابل يجب على بكين وموسكو أن تتحسسا الخطى مراعاة لمصالح بعضهما بعضاً ومصالح دول آسيا الوسطى.
وهم التهميش
ثمة اعتقاد سائد بأن تداخل مصالح موسكو وبكين في آسيا الوسطى قد يوقع بينهما ويجرهما إلى صراع ومواجهة واضحة، ووفقاً لهذا الاعتقاد تستغل الصين لحظات الضعف التي عايشتها وتعايشها روسيا جراء غزوها الكارثي لأوكرانيا، وتمثّل “قمة شيان” خطوتها الأولى في هذا الاتجاه.
ولا ريب في أن روسيا العام الماضي خسرت كثيراً من نفوذها وهيبتها حول العالم، ومنطقة آسيا الوسطى ليست استثناء، ففي كازاخستان مثلاً أظهر استطلاع حديث لمؤسسة “غالوب” Gallup المتخصصة في استطلاعات الرأي العام أن عدد المعارضين لنفوذ روسيا في الخارج أكبر من عدد مؤيديه، ويعتبر ذلك سابقة أولى من نوعها في تاريخ تلك البلدان.
وصحيح أن حكومات المنطقة لم تفرض إجراءات عقابية خاصة على موسكو بسبب حربها على أوكرانيا، لكن غالبيتها امتثل لنظام العقوبات الغربية، وبالتالي مثلت تلك الحال من الخروج عن أجندة موسكو تحركات عملية هدفها تجنب شبح الانهيار الاقتصادي، ولا تعني بالضرورة أن انفصالاً حقيقياً بات وشيكاً.
وقبل أسبوع من “قمة شيان” توجه قادة دول آسيا الوسطى الخمسة إلى موسكو لحضور العرض العسكري السنوي في يوم النصر، ووقتذاك لم تغب عن بال هؤلاء عقبى وقفتهم إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاحتفال بانتصار الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية من دون أي اعتبار لحربه على أوكرانيا، ولكن اقتصر جلّ الأمر على أنهم اعتبروا قرار المشاركة بمثابة الرهان الأكثر أماناً بالنسبة إليهم، وبشكل محتم لن يعاقبهم الغرب على هذه الخطوة، أما بوتين الذي دعاهم شخصياً فمن يدري كيف سيكون رده على غيابهم؟
،، القوة التي تمارسها الصين وروسيا في آسيا الوسطى معقدة ودقيقة ،،
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا تحرص موسكو بدقة على تذكير جاراتها بمكانتها في الترتيب الإقليمي، وثمة أمثلة كثيرة على ذلك نذكر منها إقدامها أكثر من مرة الصيف الماضي، وبشكل موقت، على إغلاق خط أنابيب بحر قزوين الذي يمر عبر الأراضي الروسية ويشكل قناة حيوية لصادرات النفط الكازاخستانية إلى أوروبا، وفي كل مرة من هذه المرات بررت السلطات الروسية فعلتها بأعذار واهية، كأن تقول بأنها ناتجة من مشكلات تقنية أو مخاوف بيئية، فيما تتمثل الحقيقة في أنها تعمدت تلك الإغلاقات بعد كل اعتراض للحكومة الكازاخستانية على مواقف الكرملين وقراراته.
واستكمالاً، يفوق ما تمتلكه موسكو من مفاتيح سلطة في المنطقة أكثر من ذلك بكثير، وبالنسبة إلى كازاخستان وقيرغيزستان، زميلتاها في “الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”، تشكل روسيا مصدراً مهماً للسلع الأساس، وتجارتها مع آسيا الوسطى ككل مزدهرة بعدما ارتفعت 20 في المئة خلال عام 2022.
وحينما اتخذت قيادات الدولتين قرار الحظر الموقت لمجمل صادرات السكر والدقيق بداية الحرب، تسبب الأمر في عجز وتضخم قياسي في موازنات دول المنطقة، لكنها لم توقف تدفق سكان آسيا الوسطى إليها بحثاً عن فرص عمل، فتبعاً لأرقام وزارة الداخلية الروسية فقد دخل أكثر من 10 ملايين عامل مهاجر من آسيا الوسطى إلى البلاد عام 2022، ما يزيد بواقع مليوني شخص عن العام الذي سبقه.
وتتعزز العلاقات الاقتصادية هذه بالثقة العميقة التي تربط بين النخب السياسية في مختلف أنحاء المنطقة، ففي آسيا الوسطى وكذلك في روسيا تحت حكم بوتين، تكاد السلطة أن تتركز في أيدي رجال كبار في السن نشأوا وترعرعوا في ربوع الاتحاد السوفياتي ويعرفون بعضهم بعضاً منذ عقود، ويتشاطرون الثقافة نفسها ويتحدثون اللغة نفسها، أي الروسية. وكذلك تكاد موسكو أن تكون وجهة القادة الجدد وكبار المسؤولين في زياراتهم الرسمية الأولى.
،، روسيا لا تزال تتمتع بقوة ناعمة كبيرة في جميع أنحاء آسيا الوسطى ،،
وعرفاناً بجميل هؤلاء زاد المسؤولون الروس من زياراتهم إلى المنطقة، ففي عام 2022 وللمرة الأولى منذ زمن، جال بوتين على دول آسيا الوسطى الخمس في عام واحد، ومنذ الغزو الأوكراني تقاطر معظم أعضاء مجلس الأمن الروسي إلى المنطقة، وكذلك فعل كبار رجال الأعمال الروس المؤثرين.
وبحسب عدد من التحقيقات الإعلامية الحديثة، فإن وراء هذه التبادلات الودية غير الرسمية مخططات فساد تبغي روسيا من خلالها حشو جيوب النخب الحاكمة في آسيا الوسطى بالمال، وثمة ما لا يقل عن هذه الزيارات رسوخاً وتأصلاً، ويمثل دور روسيا كنموذج للاستقرار الاستبدادي، فخلال السنوات الأخيرة طبقت كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان قوانين تقييدية تعيد للأذهان ذكريات النماذج الروسية الأولية، من حظر “حملات الترويج لمجتمع الميم” [أصحاب الميول الجنسية غير التقليدية] إلى تضييق الخناق على وسائل الإعلام المستقلة والمنظمات غير الحكومية التي تتعاون مع المؤسسات الغربية.
وعلى نطاق أوسع لا تزال روسيا تتمتع بقوة ناعمة يشهد لها في أنحاء آسيا الوسطى كافة، ولا تزال وسائط الإعلام الروسية الموالية للكرملين تبث دعايتها بنجاح ومن دون هوادة عبر مدن تلك المنطقة.
لا شك في أن سمعة روسيا قد تضررت أشد الضرر جراء الحرب في أوكرانيا، ولكن استطلاعاً أجرته مؤسسة “بارومتر آسيا الوسطى” أخيراً يؤكد أن 23 في المئة من الكازاخستانيين مصرون على لوم كييف (و27 في المئة منهم يحملون موسكو المسؤولية والنصف الباقي من المستطلعين مترددون).
ويبدو أن الأمر سيان بالنسبة إلى مواطني قيرغيزستان، إذ يعتبر 30 في المئة منهم أوكرانيا مسؤولة عن الحرب و19 في المئة منهم روسيا.
تنسيق لم ينل حقه من التقدير
يتساوى بطلان الادعاءات في شأن اضمحلال النفوذ الروسي في آسيا الوسطى مع الاعتقاد القائل بأن الصين تسعى إلى الإطاحة بروسيا والتربع مكانها على عرش المنطقة، ففي كل مساحة اختلاف بين الجانبين لا يكون أمام موسكو سوى خيار التراجع والتكيف، وفي كل مساحة لقاء، مع ملاحظة أن المسائل التي يتلقيان حولها كثيرة، لا يظهر تضارب في المصالح.
وفي ظل الحرب الدائرة على الساحة الأوكرانية والشرخ المتنامي بين الصين والولايات المتحدة، أتيحت لموسكو وبكين فرصة التقرب من بعضهما بعضاً، ولا يمكن لهذا التقرب إلا أن يمتد إلى علاقاتهما في آسيا الوسطى.
وتتبدى مظاهر وصول الصين إلى الساحة الدولية بوضوح في قطاعات التجارة والاستثمار عموماً، والمشاريع المرتبطة بشكل أو بآخر بـ “مبادرة الحزام والطريق” خصوصاً، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين بكين والمنطقة 70 مليار دولار العام الماضي، متفوقاً بذلك على حجم التبادل الروسي الذي يبلغ 40 مليار دولار، لكن التوسع الذي حققه العملاق الأصفر لم يأت على حساب روسيا، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الجزء الأكبر من التبادل يتخذ شكل صادرات سلعية من آسيا الوسطى إلى الصين، وقلما تستخدم روسيا صادرات من النوع باعتبارها واحدة من الجهات الرئيسة المصدرة للسلع.
وفي السياق نفسه تتتوخى بكين عدم تعطيل “الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”، إذ لم تمهد السبيل لبناء مؤسسة منافسة فوق وطنية ولم تسع بصورة رسمية إلى عقد اتفاقات تجارة حرة مع أعضاء “الاتحاد الاقتصادي الأوراسي” غير روسيا، وعلى رغم أنها حافظت على علاقات تجارية ثنائية مهمة مع هذه البلدان، إلا أنه لم يكن أمام موسكو سوى خيار قبولها لأنها لا تستطيع مجاراة ما تقدمه بكين من أسواق أو تكنولوجيا أو أموال.
وعلى مستوى الأمن الإقليمي فغالباً ما تكمل هواجس المصالح والنفوذ الصينية والروسية بعضها بعضاً، وتتجسد الأولوية القصوى للجانبين كليهما في الحفاظ على الأنظمة المعمول بها حالياً في آسيا الوسطى مع إبقاء الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة، خارج معادلة المنافسة، وبالتالي لا يزال حضور روسيا طاغياً في المنطقة، بل إنه بعيد كل البعد من التهميش، وتنضوي كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان تحت المظلة الأمنية الروسية في إطار “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” الخاضعة لقيادة موسكو. وتستضيف طاجيكستان وقيرغيزستان قواعد عسكرية روسية وتتشاركان نظام دفاع جوي إقليمي موحد مع روسيا، وفي المنطقة ككل ينسج عناصر القوات العسكرية المختلفة علاقات عمل وثيقة مع نظرائهم الروس بغية الحصول على الأسلحة الروسية بأسعار مدعومة، ودخول دورات تدريبية وتعليمية مشتركة في الأكاديميات الروسية.
وفي نفس مماثل تجمع أوزبكستان وتركمانستان، الدولتان غير العضوتين في “منظمة معاهدة الأمن الجماعي”، بروسيا اتفاقات ثنائية تحد من قدرتهما على توسيع علاقاتهما الأمنية مع دول أخرى، وتمنح روسيا حق التدخل سياسياً وعسكرياً في القضايا الداخلية الأوزبكية والتركمانية، وقد نفذت روسيا ذلك إبان “عملية حفظ السلام” التي أطلقتها “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” بحجة إخماد الاشتباكات في صفوف النخبة في كازاخستان خلال يناير (كانون الثاني) 2022 التي تُذكر دائماً باستفراد موسكو بدور اللاعب الخارجي القادر على استخدام قواته العسكرية لدعم الأنظمة الصديقة.
،، آسيا الوسطى حقل تجارب للأدوات الأمنية التي لم تحظ بكين بعد بفرصة استخدامها ،،
وعلى عكس روسيا التي تنظر إلى مصالحها الأمنية في آسيا الوسطى من زاوية الأمن القومي والمنافسة الجيوسياسية، تكتفي الصين بحماية مصالحها التجارية مع الحرص على ألا تلحق التطورات في الدول المجاورة الضرر باستقرارها السياسي الداخلي، وفي هذا الصدد لا بد من ذكر إقليم شينجيانغ في أقصى غرب الصين الذي يقع على حدود كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، ويشبهها في الثقافة والعرق واللغة والدين أكثر من أقاليم الصين الأخرى.
ومنذ تفكك الاتحاد السوفياتي ونيل هذه الدول استقلالها، تسعى بكين إلى توطيد علاقات ودية معها خوفاً من أن تغدو مصدر إلهام لإقليم شينجيانغ أو تحرضه على الانفصال.
لكن لا تتوقف مخاوف بكين في الإقليم عند هذا الحد، بل تتعداه لتشمل احتمال تحول آسيا الوسطى إلى جسر عبور للجهاديين القادمين من أفغانستان بغية الانضمام إلى المتطرفين الأويغور الموجودين فيه، لا سيما بعد العملية الانتحارية التي استهدفت السفارة الصينية في بيشكيك، عاصمة قيرغيزستان، عام 2016.
وبالعودة لعقود مضت، خصوصاً منذ هجوم بيشكيك، نظمت الصين عشرات التدريبات العسكرية بالاشتراك مع نظيراتها في آسيا الوسطى، وعقدت مئات الاجتماعات الرفيعة المستوى مع وكالاتها العسكرية والاستخباراتية، وعززت التعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية، وشاركت في عدد لا يستهان به من برامج التبادل التي تربط ضباط آسيا الوسطى بالجامعات العسكرية الصينية، وسيرت دوريات مشتركة ومنتظمة على جانبي الحدود مع تلك الدول.
وفي سياق تلك التبادلات برزت آسيا الوسطى كحقل تجارب للأدوات الأمنية التي لم تحظ بكين بعد بفرصة استخدامها، وتتمثل إحدى التجارب في الترويج لفكرة إرساء شركات أمن خاصة لحماية المشاريع الاستثمارية الصينية في قيرغيزستان، وتكمن التجربة الأخرى في إرسال وحدات للشرطة الصينية شبه العسكرية بغية تسيير دوريات ومراقبة الحدود الأجنبية، فمنذ عام 2018 أنشأت الصين قاعدتين مخصصتين لذلك النوع من القوات على الحدود الطاجيكية -الأفغانية كي تكونا بمثابة داعم قوي للسلطات الطاجيكية، وفي حين أثارت القاعدة الأولى انزعاج الكرملين وقلقه، لم تستقطب القاعدة الثانية التي بنيت عام 2021 أي اعتراض يذكر، ويظهر أن نظرة موسكو إلى الوجود الأمني الصيني المتزايد قد تبدلت وأصبحت فرصة لتقاسم الأعباء أكثر منها تحدياً تنافسياً.
شراكة غير متوازنة
يشير تغير الموقف الروسي في شأن القاعدتين الصينيتين في طاجيكستان إلى نقلة نوعية، ويعني ذلك أن صعود الصين كقوة فاعلة مسيطرة في البلدان المتاخمة لحدودها يأتي كنتيجة حتمية في هذه المرحلة، لكنه لا يحدث رغماً عن أنف روسيا، بل إنه يتبلور في وقت تتزايد فيه متانة الروابط بين البلدين حتى لو سار بصورة غير متكافئة ولمصلحة الصين. وحتى إذا توفر سبب فعلي للمنافسة في آسيا الوسطى فستظل العلاقات الثنائية الودية في طليعة أولويات موسكو وبكين، في ظل استمرار المواجهات بينهما وبين الغرب.
وفي ما يتعلق بدول آسيا الوسطى نفسها فإنها عبارة عن بلدان غير ساحلية محصورة بين قوتين عظميين تشهد العلاقات بينهما تطورات إيجابية حاضراً، ولا مصلحة لها باستبدال اعتمادها شبه الكلي على روسيا باعتماد شبه كلي على الصين، ويتمثل جل ما تسعى إليه تلك الدول جميعها بتنويع روابطها مع العالم الخارجي، وبالتالي فإن روسيا والصين متساويتان بالنسبة إليها في الأهمية.
وفي المرحلة المقبلة يحتمل أن يتحول عدم التناسب في القوة بين الصين وروسيا إلى انعدام تكافؤ يدفع بالقادة الصينيين إلى التدخل في سياسات آسيا الوسطى من دون الحاجة إلى موافقة الكرملين ومساعدته، أو بالقليل منها.
وفي المقابل فمن غير المحتمل أن يقوض ذلك الأمر [عدم التناسب في القوة بين الصين وروسيا] المصالح المشتركة بين القطبين ودعمهما المتبادل للأنظمة الاستبدادية في المنطقة، وستبقى إمكانات التعاون بينهما أكبر بكثير من أخطار الصراع، وستظل آسيا الوسطى كياناً يقوي المحور الصيني – الروسي ولا يضعفه.