يقول بيت الشعر “تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ” وكأن أبا الطيب المتنبي كان يشعر بأن ليس كل ما يتمناه المرء يُدركه.
وفي حال الرئيس الأمريكي جو بايدن، يتجسد بيت الشعر، حين أتاه نبأ انهيار أفغانستان في يد طالبان، خلال إجازته.
فالبيت الأبيض في عهد بايدن كان يتوقع تسليما تدريجيا للمسؤولية إلى الحكومة الأفغانية حتى 31 أغسطس/آب 2021، عندما تبدأ حركة طالبان في القيام بدور نشط في حكم البلاد.
وبدلا من ذلك، استولت حركة طالبان بسرعة على الأراضي مع خروج الولايات المتحدة من قواعد مختلفة وكانت تسير نحو أفغانستان قبل فرار الرئيس أشرف غني، خوفا على حياته.
تقول صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلا عن كتاب سيصدر قريبا، إن بايدن كان لديه رد فعل “متفجر”، عندما قيل له إن الرئيس الأفغاني “فرّ من كابول” قبل سيطرة طالبان على المدينة، في 15 أغسطس/ آب عام 2021،.
ويوم الجمعة 12 أغسطس/آب 2021، غادر بايدن العاصمة لقضاء إجازة كانت من المتوقع أن تكون منتصف أغسطس في كامب ديفيد.
وبعد ثلاثة أيام، أخبره مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بنبأ “فرار” رئيس أفغانستان آنذاك، أشرف غني، بينما كانت حركة طالبان تستعد للزحف إلى العاصمة.
وجاء في الكتاب الذي سيصدر بعنوان “السياسي الأخير” للصحفي فرانكلين فوير، والذي يصف الوضع الداخلي في البيت الأبيض خلال الانسحاب الكارثي من أفغانستان، أن “بايدن انفجر بالإحباط” عندما سمع ذلك، وصرخ “أعطني استراحة”.
الجميع “إجازة”
بايدن لم يكن الوحيد الذي كان في إجازة عندما خرج غني من أفغانستان، وأصبح من الواضح للعالم أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سيكون أكثر فوضوية بكثير مما توقعته الإدارة الأمريكية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أنه في الأسابيع الأولى من أغسطس، غادر العديد من المسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض لقضاء إجازة. وذهب بايدن إلى كامب ديفيد. وكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن في هامبتونز.
ثم اصطحبت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض حينها، جين بساكي، عائلتها إلى الشاطئ.
في هذه الأثناء، استولت حركة طالبان بسرعة على كابول، مع خروج الولايات المتحدة من قواعد مختلفة.
وكتب فوير أنه عند رؤية “صور الأفغان وهم يسقطون من السماء”، والتي أصبحت من أكثر مشاهد الإخلاء دراماتيكية، أدركت بساكي أنها مضطرة إلى قطع إجازتها العائلية.
ووفقاً لفوير، كتبت ساكي إلى رئيس موظفي البيت الأبيض آنذاك رون كلاين: “أنا أفكر في العودة”، فأجاب كلاين: “أنا آسف. أعتقد أنك بحاجة إلى ذلك.”
ويشير كتاب فوير إلى أن بايدن أبدى اهتماما نشطا بعملية الإجلاء، وطرح أفكارا لنقل المزيد من الأشخاص على متن الطائرات، وطلب إخطاره عندما يتمكن الأفراد من الخروج بأمان من أفغانستان.
وأجلت إدارة بايدن أكثر من 120 ألف شخص من أفغانستان مع انهيار البلاد تحت ضغط وسيطرة طالبان.
ومع ذلك، اعتبر فوير أن هذا “العمل اللوجستي المرتجل” فشل في التغلب على الانطباع بأن إدارة بايدن كانت تتصرف ببطء.
وجاء في كتاب فوير أن البيت الأبيض “صُدم” من حقيقة أن أشد الانتقادات لم تكن تأتي من وسائل الإعلام المحافظة فحسب، بل أيضا من “كُتّاب الأعمدة والمراسلين الموقرين الذين احترمتهم الدائرة الداخلية لبايدن واهتموا بهم”.
وقال فوير إنه “في خضم الأزمة، لم يكن لدى بايدن الوقت الكافي لاستهلاك الأخبار بنهم، لكنه كان يدرك جيدا التغطية الصارمة.
بيْد أن الانتقادات لم تغير رأي بايدن بشأن مغادرة أفغانستان، ولم تغير كراهيته لـ “الحكمة التقليدية لنخب السياسة الخارجية”. بحسب الصحفي نفسه.
ويروي كتاب فوير أول عامين من رئاسة بايدن منذ تنصيبه وحتى انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.
ومن المقرر أن يصدر الكتاب غدا يوم الثلاثاء عن دار Penguin Random House.