الأحد, نوفمبر 10, 2024
الرئيسيةآسياناشونال إنترست: يتعين على أمريكا عدم تأجيج الصراعات في آسيا الوسطى

ناشونال إنترست: يتعين على أمريكا عدم تأجيج الصراعات في آسيا الوسطى

واشنطن: رغم تراجع الأهمية الاستراتيجية لمنطقة آسيا الوسطى بالنسبة للولايات المتحدة  بعد انسحاب قواتها من أفغانستان قبل حوالي عامين، يهدد الوجود العسكري في المنطقة بالتعرض لخسائر وتكلفة لا داعي لها بسبب انخراطها في خلافات وصراعات المنطقة.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية يقول المحلل السياسي أليكس ليتل المتخصص في شؤون آسيا الوسطى وروسيا، إن الولايات المتحدة قد تجد نفسها في مواجهة غير مباشرة مع تركيا شريكتها في عضوية حلف شمال الأطلسي لآن واشنطن تدعم طاجيكستان، في حين تدعم أنقرة قيرغيزستان اللتين اقتربتا من الانخراط في جولة صراع مسلح جديد  بعد جولتي 2021 و2022.

ويقول ليتل خريج جامعة “جورجيا تك” الأمريكية إنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في 31 آب/أغسطس 2021 تراجع اهتمام واشنطن الأمني بمنطقة آسيا الوسطى مع إغلاق قواعدها العسكرية المؤقتة في كل من أوزباكستان وقيرغيزستان. ورغم ذلك ما زالت واشنطن منخرطة في الشؤون الأمنية لدول آسيا الوسطى، حيث قدمت مساعدات أمنية لطاجيكستان منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق بنحو 330 مليون دولار. وضمت قائمة المساعدات مئات العربات العسكرية ومركز تدريب شامل ودعم جهود إدارة الحدود والجمارك. ونتيجة لذلك أصبحت الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة للمساعدات الأمنية لطاجيكستان رغم أن روسيا هي أهم شريك تجاري وأمني لها.

 في المقابل فإن التضامن التركي الشامل يدفع تركيا لدعم قيرغيزستان في نزاعها مع طاجيكستان بتزويدها بالطائرات المسيرة  بيراقدار تي.بي2 وأكسونجور وأنكا. وكانت تركيا أول دولة تعترف باستقلال قيرغيزستان واعتبرت المحافظة على استقرارها وتنميتها أولوية تركية. علاوة على ذلك يمكن لتركيا توسيع نفوذها في الدول ذات العرقية التركية في آسيا الوسطى في حين تنشغل روسيا بالحرب في أوكرانيا.

ومع انحياز دولتين عضوين في الناتو إلى طرفين متصارعين سيتصاعد التوتر بين واشنطن وأنقرة دون داع. ومنذ أوائل القرن الحالي، تدهورت العلاقات بين البلدين بسبب الخلافات بينهما بشأن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. في الوقت نفسه فإن تنافس الولايات المتحدة غير المباشر مع تركيا من خلال تزويد طاجيكستان بالسلاح يهدد علاقة دبلوماسية مهمة وإن كانت مضطربة بالنسبة لواشنطن.

 والحقيقة هي أن الولايات المتحدة لن تتأثر بشكل مباشر بالتطورات الأمنية في آسيا الوسطى وبخاصة بعد انسحاب قواتها من أفغانستان. ورغم الانسحاب تحتفظ واشنطن ببعثة هدفها المحافظة على سيادة دول آسيا الوسطى من خلال التعاون  الأمني معها عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وبرنامج الشراكة من أجل السلام الخاص بحلف الناتو والأمم المتحدة. والأفضل أن تتولى الدول التي تتأثر بشكل مباشر بأي اضطرابات في آسيا الوسطى التعامل مع التحديات الأمنية في المنطقة.

فمصالح الصين وروسيا في آسيا الوسطى كبيرة للغاية، حيث تعتبر موسكو  أبرز مصدر للمساعدات الأمنية والعسكرية في حين أن بكين مستثمر مهم  في المنطقة. وتستهدف روسيا بشكل أساسي منع انتشار خطر “الإسلام الأصولي” والذي ترى أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان أدى إلى تفاقمه في آسيا الوسطى. كما تضم قائمة الهواجس الأمنية الكبيرة لروسيا في آسيا الوسطى تهريب المخدرات وتهريب البشر والهجرة غير الشرعية والإرهاب. كما أن الوجود الأمني الروسي في المنطقة يخدم الصين لأنه يحمي مصالحها الاقتصادية المتنامية في قطاعات النقل والطاقة بآسيا الوسطى.

 ومع تراجع الحضور الأمني لروسيا في آسيا الوسطى نتيجة تركيزها على حربها ضد أوكرانيا، أصبحت الصين القوة الأمنية الأنسب للعمل في المنطقة. وتتجاوب طاجيكستان وقيرغيزستان مع الحضور الصيني في المنطقة والذي يشمل التدريبات العسكرية، ونقل المعدات العسكرية، وإقامة البنية التحتية الأمنية، ونشر شركات الأمن الخاصة. لذلك فأي محاولة أمريكية لدعم طاجيكستان عسكريا ستزيد التوترات مع الصين دون داع.

كما أن الولايات المتحدة لا تسيطر بالقدر الكافي على طريقة استخدام المعدات العسكرية والأسلحة بمجرد تسليمها لحكومة أجنبية. وفي حين لا تعتزم الولايات المتحدة دعم طاجيكستان في صراعها ضد قيرغيزستان فإن أغلب المعدات العسكرية لتي تقدمها لها مثل أجهزة الرؤية الليلية تستخدم في المنطقة الحدودية الملتهبة بين البلدين. وبدلا من المساهمة غير المطلوبة في تأجيج التوترات بآسيا الوسطى، على الولايات المتحدة التعاون مع تركيا من أجل تشجيع المحادثات الدبلوماسية بين دوشانبي وبشكيك. وكعضوين في حلف الناتو، أمام واشنطن وأنقرة فرصة لتجنب أي تدهور جديد في العلاقات من خلال وضع حد لصراع بسيط لا يمثل أهمية استراتيجية لواشنطن.

 ويختتم ألكسي ليتل تحليله بالقول إنه على الولايات المتحدة العمل على تقليص ثم وقف برامج إرسال المعدات العسكرية لدول آسيا الوسطى ومنها طاجيكستان. فمع  الوجود العسكري الروسي والصيني والقدرات العسكرية في طاجيكستان يمكن القول إنها تستطيع الدفاع عن نفسها.  في المقابل لا يوجد أي سبب مقبول لكي تقوم الولايات المتحدة بدور روسيا والصين من خلال دعم القدرات الدفاعية لطاجيكستان. وقد حان الوقت لكي تنخرط واشنطن في المنطقة بطرق مختلفة تنأى بها عن ماضيها العسكري فيها.

المصدر: القدس

مقالات ذات صلة
- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات