الأحد, نوفمبر 24, 2024
الرئيسيةآسيارفضته بريطانيا... واشنطن تعرض على بطل حرب أفغاني اللجوء إليها

رفضته بريطانيا… واشنطن تعرض على بطل حرب أفغاني اللجوء إليها

حصري: في خطوة مهينة للمملكة المتحدة، واشنطن تدرس تقديم ملاذ آمن لطيار يواجه الترحيل إلى رواندا في قضية كانت قد كشفت “اندبندنت” النقاب عنها

تدرس الولايات المتحدة بشكل رسمي ما إذا كانت ستمنح ملاذاً آمناً على أراضيها للطيار الأفغاني الذي يهدد المسؤولون البريطانيون بترحيله إلى رواندا، الأمر الذي أثار سخط سياسيين بارزين وشخصيات عسكرية في المملكة المتحدة، والذين اعتبروا أنه “لمن المخجل” أن تدير بريطانيا ظهرها لبطل حرب.

الملازم السابق في القوات الجوية الأفغانية، الذي شارك في مهام قتالية عدة إلى جانب قوات التحالف الدولي في بلاده، يعيش في حالة من الغموض بعد أشهر من وصوله إلى المملكة المتحدة عبر قارب صغير، في وقت تختبئ فيه زوجته وطفله في أفغانستان، خوفاً من حركة “طالبان”.

وكان رفض وزير الدفاع البريطاني بن والاس التدخل – بعد رد السلطات المعنية طلب الطيار المقدم بموجب أحد مخططي المملكة المتحدة المتعلقين باللاجئين الأفغان – قد أحدث صدمة في المملكة المتحدة هذا الأسبوع، مما يعني أن المحارب السابق بات الآن أمام احتمال الترحيل إلى رواندا، في رحلة ذات اتجاه واحد.

وفي ظل رفض المسؤولين البريطانيين اتخاذ إجراءات لوقف التهديد بالترحيل من جانب وزارة الداخلية، تقوم وزارة الخارجية الأميركية في الوقت الراهن بمراجعة طلب اللجوء الخاص بالطيار وعائلته، بعد أن كانت “اندبندنت” أول من قام بتغطية قضيته.

الجنرال السير ريتشارد دانات، القائد السابق للجيش البريطاني، وصف حقيقة إهمال البريطانيين للطيار وترك المسؤولية للولايات المتحدة كي تتعامل مع قضيته، بأنه “تنصل كامل من مسؤولياتنا، وتخل عن لياقتنا”.

أما المارشال الجوي إدوارد سترينغر قائد العمليات الجوية لـ”سلاح الجو الملكي” البريطاني RAF خلال فترة النزاع الأفغاني، فرأى أن حكومة المملكة المتحدة كانت تتجنب تحمل المسؤولية من خلال اتخاذها موقفاً “متمايزاً على نحو مخيف” في ما يتعلق بسجل الخدمة العسكرية للطيار.

الزعيم الأسبق لحزب “المحافظين” السير إيان دانكن سميث، رأى أن بريطانيا “أدارت ظهرها للطيار“، وأخفقت في “القيام بما هو ضروري للتقيد بتعهدنا حماية حياته، بعد أن سبق أن ساعد في حماية حياتنا، وهذا أمر مُخزٍ”.

وقال السير إيان لـ”اندبندنت”: “لولا وجود أبطال مثل هذا الطيار – الذي يطلب الآن مساعدتنا للبقاء في المملكة المتحدة – لما كنا قادرين على مواجهة القضايا التي تهم الحكومات الديمقراطية المناضلة من أجل الحرية”.

وأضاف “كنا حلفاء ورفاق سلاح للذين ساعدوا التحالف الدولي، والآن يواجه هؤلاء وأسرهم خطر “طالبان”. لقد فشلنا في تعهدنا في الوقوف إلى جانبهم. إن رؤية الولايات المتحدة تتصرف بالنيابة عنا وتتعامل مع هذا الأمر بشكل لائق، هو أمر مُخزٍ ومخجل لبريطانيا”.

حزب “العمال” المعارض قال من جهته إن حكومة ريشي سوناك تبدو وكأنها تعتمد مبدأ “عملية الكتف البارد” (من خلال اللامبالاة والإهمال) مع أبطال الحرب الأفغان، واصفاً تدخل الولايات المتحدة بأنه “محرج للغاية”.

يجدر التذكير بأن المشرف الأميركي على عمل الطيار في أفغانستان، الذي قام بأكثر من 30 طلعة جوية ضد تهديدات إرهابية خطط لها قادة بريطانيون وأميركيون، وصفه بأنه “وطني حقيقي لبلاده”.

لكن وزارة الدفاع البريطانية رفضت طلبه البقاء في المملكة المتحدة، بموجب مخطط “سياسة نقل ومساعدة الأفغان” Afghan Relocations and Assistance Policy (Arap)، الذي يهدف إلى إخراج أولئك الذين ساعدوا القوات البريطانية من أفغانستان.

وكانت الحكومة البريطانية قد رفضت اعتبار أن الدور الذي قام به الطيار الأفغاني “تسبب له بخطر كبير ووشيك على (حياته)”. وقالت وزارة الدفاع أيضاً إنها لا تقبل مقولة إن العمليات البريطانية في أفغانستان “ستكون أقل كفاءة أو أقل نجاحاً من الناحية المادية” لولا الدور الذي قام به.

وعلى رغم أن الفئة الرابعة التي ينص عليها مخطط “أراب” – والتي يعتقد أنها أفضل فرصة للطيار للبقاء في المملكة المتحدة – تستهدف الأفراد الذين “دعموا وساعدوا بشكل وثيق” القوات البريطانية، إلا أن المسؤولين اعتبروا المحارب السابق غير مؤهل بموجب هذه الفقرة.

في غضون ذلك، أعربت شخصيات عسكرية بارزة عن خيبة أملها، لأن وزير الدفاع السيد والاس – الذي تردد أنه يسعى إلى الحصول على منصب الأمين العام لـ”حلف شمال الأطلسي” (ناتو) – لم يسارع إلى مساعدة الطيار الأفغاني، الذي لم يتوان عن دعم قوات التحالف ضد “طالبان”.

اللورد دانات قال لـ”اندبندنت”: “إن قرار (وزير الدفاع) مخيب للآمال بشدة، واستند إلى تبريرات محدودة النطاق”. وتساءل: “هل ننكر أنه قاتل ضد “طالبان”؟ إنه قرار يتسم باللامبالاة القصوى، ويتعارض مع المبادئ الأساسية للأخلاقيات العامة”.

وأضاف “لقد جاء إلى هذه البلاد، وملؤه الثقة في الأخلاقيات التي يتسم بها البريطانيون، وذلك من خلال اعتماده الوسيلة الوحيدة المتاحة له [استخدام القارب للعبور إلى البر البريطاني]. ويبدو الآن أنه محكوم عليه بالترحيل إلى رواندا. إن اعتباره مشكلة للولايات المتحدة، هو بمثابة تخل كامل عن التزاماتنا ومبادئنا الأخلاقية”.

المارشال الجوي سترينغر اعتبر أنه “سواء كان لدينا عقد ملزم قانونياً De Jure مع هؤلاء العسكريين الأفغان أم لا، فما حصل بدا حجة مريبة ومراوغة يجب التراجع عنها”.

وأضاف “أما العقد بموجب الأمر الواقع De Facto فيتمثل في أننا شجعنا هؤلاء الأفغان على الانضمام إلى الأجهزة الأمنية والقتال إلى جانبنا لتحقيق أهدافنا، الأمر الذي جعلهم عرضة لخطر قوى رجعية وخطرة مثل (طالبان)”.

وتابع يقول، “عندما سحبنا الغطاء الذي وعدناهم به، تركناهم مكشوفين ومعرضين للخطر بشكل مخيف. أي وزن يبقى لسلطتنا الأدبية والأخلاقية عندما نتخلى عن التزاماتنا؟ وكيف نتوخى من الناس أن يثقوا بنا في المستقبل؟”.

وقد أيد عشرات من القادة العسكريين والسياسيين والمشاهير دعوة “اندبندنت” الحكومة البريطانية إلى السماح للطيار وغيره من قدامى المحاربين الأفغان الذين ساعدوا قوات التحالف الدولي، بالحصول على ملاذ آمن في المملكة المتحدة.

وكان الطيار الأفغاني السابق قد تلقى، بعد خدمته إلى جانب قوات التحالف، توصيتين شخصيتين أشارتا إلى قوة شخصيته والدور الذي اضطلع به في محاربة حركة “طالبان“، في الأعوام التي سبقت سقوط العاصمة الأفغانية كابل في أغسطس (آب) عام 2021.

وقد تم الآن قبول طلبه المقدم بموجب “مخطط إعادة التوطين في الولايات المتحدة” US P1 Resettlement Scheme، الذي يجب أن يحصل مقدمو الطلبات بموجبه على موافقة شخصية من مسؤول أميركي. وعلى رغم أنه ليس هناك ما يضمن أنه سيمنح اللجوء في الولايات المتحدة، وقد يستغرق هذا المسار سنوات، فإنه دخل عملياً في مرحلة التقييم.

يعيش الطيار الآن في سكن تابع لوزارة الداخلية في المملكة المتحدة، ويشعر بإحباط من وضعه الراهن. وفي تعبير عن ذلك، يقول إن القرار الذي اتخذه بالمخاطرة بحياته من أجل التحالف، هو أكثر ما يتأسف عليه.

ويضيف، “لقد ارتكبنا الخطأ الأكبر في حياتنا عندما قمنا بالتعاون مع القوات الأميركية البريطانية في أفغانستان. والآن، يتعين علينا أن نتحمل عواقب كوننا بلا جنسية وبعيدين عن أسرنا، إضافة إلى تحمل مرارة العيش (في) إذلال وبؤس”.

ويشعر الطيار الأفغاني السابق أيضاً بقلق متزايد على سلامة أفراد أسرته، في الوقت الذي ينتظر فيه صدور قرار وزارة الداخلية في شأن طلب منفصل باللجوء، كان قد تقدم به.

معلوم أن مسؤولين في وزارة الداخلية البريطانية التي تترأسها الوزيرة سويلا برافرمان، كانوا قد نبهوا الطيار إلى احتمال ترحيله إلى رواندا، لأن مجيئه إلى المملكة المتحدة عبر “القنال الإنجليزي” يعد غير قانوني. وتم منحه مهلة 90 يوماً لاستئناف قرار رفض تأهله لمخطط “سياسة نقل ومساعدة الأفغان”.

في المقابل أحيل عدد من المواطنين الأفغان الذين ساعدوا القوات الأميركية قبل انسحابها من أفغانستان – بمن فيهم الطيار – إلى هذا المخطط من جانب المشرفين الأميركيين عليهم، مباشرة بعد سقوط كابل.

لكن بغض النظر عن الطلب من الطيار تعبئة استمارة تتضمن مزيداً من التفاصيل، فلم يتلق أي رد بعد، من “مكتب السكان واللاجئين والهجرة” Bureau of Population، Refugees and Migration (PRM) التابع لوزارة الخارجية الأميركية.

ومع ذلك، قال البيت الأبيض بعد أن تواصلت “اندبندنت” معه، إنه سيحقق في قضيته، وقد تم التأكد من أن ملفه أدخل فعلاً في النظام الخاص باللاجئين.

وخلال زيارة قام بها رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لواشنطن الأسبوع الماضي، تجاهل – لدى وصوله إلى البيت الأبيض لمقابلة الرئيس الأميركي جو بايدن – أسئلة طرحتها عليه “اندبندنت” في ما يتعلق بمصير الطيار. وامتنع إضافة إلى ذلك، عن الرد على سؤال مماثل في نهاية المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع بايدن في وقت لاحق من ذلك اليوم.

وزير الهجرة في حكومة الظل “العمالية” المعارضة ستيفن كينوك علق بالقول إن “التزاماً أخلاقياً يترتب على بريطانيا تجاه هؤلاء الأفغان. ومع ذلك، فإن تنفيذ مبادرة الحكومة المعروفة باسم “عملية الترحيب الحار” Operation Warm Welcome (التي كانت تهدف إلى تقديم المساعدة)، أصبحت أشبه بـ”عملية الكتف الباردة” Operation Cold Shoulder (أو التجاهل واللامبالاة).

وأضاف أن “محاولة الحكومة البريطانية إرسال طيار أفغاني موال لبريطانيا إلى رواندا، هي مأساة في حد ذاتها، بينما يعتبر تدخل الحكومة الأميركية دليلاً محرجاً للغاية على مدى تلطخ السمعة الدولية للمملكة المتحدة، بسبب السلوك اللا إنساني المشين لهذه الحكومة “المحافظة” القاسية والفوضوية”.

وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون القوات المسلحة والدفاع جيمس هيبي، قال إن عناصر من القوات الأفغانية، مثل هذا الطيار، هم غير مؤهلين “من حيث المبدأ” للاستفادة من مخطط وزارة الدفاع الذي تم وضع أساساً لمساعدة الأفغان الذين قام الجيش البريطاني بتوظيفهم هناك.

وفي تعليق على ما تقدم، أكد متحدث باسم الحكومة البريطانية التزام حماية الأشخاص المعرضين للخطر والفارين من أفغانستان، مشيراً إلى أنه جرى استقدام نحو 24 ألفاً و500 أفغاني حتى الآن إلى المملكة المتحدة.

وختم بالقول، “إننا نواصل العمل مع شركاء ذوي رؤى مماثلة، ومع دول مجاورة لأفغانستان، في شأن قضايا إعادة التوطين، ودعم مرور آمن للأفغان المؤهلين”.

© The Independent

مقالات ذات صلة
- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات