تشهد أفغانستان تحسناً في السياحة الداخلية، ما ينشط مهناً بدائية وأعمالا تجارية، وسط رهان من حكومة طالبان على تحقيق الاستقرار وإحياء قطاعات دمرتها الحروب والصراعات على مدار سنوات طويلة ماضية.
وخلال تدشين معرض للصناعات المحلية في العاصمة كابول، الأسبوع الماضي، قال زعيم طالبان الملا هيبت الله أخوند زادة في كلمة أمام مجموعة من رجال الأعمال الأفغان إن الأمن والاقتصاد ضروريان لبعضهما، مضيفا أن “تحسن الوضع الاقتصادي لن يتحقق من دون أمن، كما أنه لا جدوى من الأمن إذا لم نحسن الوضع الاقتصادي”.
كما قال وزير الداخلية في حكومة طالبان المولوي سراج الدين حقاني في خطاب أمام جمع من رموز القبائل في ولاية زابل (جنوب)، يوم السبت الماضي: ” نسعى ونجتهد معا من أجل تحسين الوضع المعيشي بعد استقرار الوضع الأمني وهو يتطلب منا جهودا متناسقة، والعمل الدؤوب”.
بعد سيطرة طالبان على كابول في أغسطس/آب 2021 كانت دول العالم والمنطقة تتوقع سيناريوهات مختلفة إزاء أفغانستان
بعد سيطرة طالبان على كابول في أغسطس/آب 2021 كانت دول العالم والمنطقة تتوقع سيناريوهات مختلفة إزاء أفغانستان، منها الانقسام داخل طالبان ما سيؤدي إلى حرب أهلية جديدة، أو فشل الحركة في المجال الاقتصادي، بينما تظهر المؤشرات تحسنا في بعض النواحي الاقتصادية.
فقد تحسنت قيمة العملة الأفغانية من 128 أفغانية مقابل الدولار الواحد بعد وصول طالبان إلى الحكم، إلى 85 أفغانية للدولار بنهاية يوليو/تموز الماضي، ما أثر بشكل إيجابي على مستويات الأسعار وحياة الأفغان.
واللافت كذلك حدوث تحسن في السياحة الداخلية. وقال رئيس إدارة السياحة في وزارة الثقافة والإعلام في حكومة طالبان المولوي سيد محمد سعيد لـ”العربي الجديد” إن ثمة اهتماما كبيرا من قبل حكومة طالبان بجميع القطاعات، خاصة السياحة، مشيرا إلى المناطق الأثرية وغيرها من المناطق السياحية شهدت زيارة ستة ملايين سائح منذ مارس/آذار 2022 حتى نفس الشهر من العام الجاري، بينما لم يكن العدد يتجاوز سبعة آلاف في 2021، ما يشير إلى مدى الاهتمام بالسياحة في داخل البلاد.
يذكر الرجل أن حكومة طالبان تسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تتيح الفرصة للسياح الأجانب وللسياح من داخل البلاد، وأن وزارة الثقافة والإعلام تحديدا إدارة السياحية تعمل ليل نهار بالتنسيق مع أجهزة الأمن ومؤسسات الدولة المعنية أن تحسن الأمور أكثر وتوفر للسياح ما يريدونه في ضوء الشريعة الإسلامية ووفق أعراف الشعب، مؤكدا أن السياح الأجانب يزورون البلاد من أجل رؤية الأماكن التاريخية والأماكن السياحية الخلابة، وأن استتباب الأمن كان الدافع الرئيسي وراء تحسن حالة السياحة في البلاد.
وأشار إلى أن الوزارة تأمل في إحياء السياحة الخارجية، لافتا إلى أنه منذ سبتمبر/أيلول 2021 وحتى مارس/آذار 2022 كان عدد السياح الأجانب 691 زائرا فقط، بينما وصل العدد إلى ألفي سائح بين مارس/آذار من العام الماضي وحتى نفس الشهر من 2023، في حين سجل الربع الثاني من العام الجاري توافد ألف شخص إضافي.
رئيس إدارة السياحة في وزارة الثقافة والإعلام: حكومة طالبان تسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تتيح الفرصة للسياح الأجانب وللسياح من داخل البلاد
ويقول محمد عتيق الناشط في القطاع السياحي لـ”العربي الجديد” إن “السياحة في بلادنا تطورت إلى حد كبير، لكن هناك عقبات كثيرة ومشاكل جمة، منها وعورة الطرق، خاصة إلى المناطق الخلابة والمتنزهات الرائعة، مثل ولاية نورستان وكنر وغزنه، وهو ما يجعل الكثيرين يترددون في الذهاب إلى هناك ويكتفون عادة بزيارة المناطق القريبة من العاصمة كابول”.
وأضاف عتيق أن الحكومات المحلية في الولايات تفتقر كذلك لخطة منسقة لتطوير هذا القطاع، الذي سيكون له تأثيرات على حياة عامة المواطنين.
وينعكس تحسن السياحة الداخلية على حياة السكان المحلين في مناطق المزارات وكذلك تنشط العديد من المهن والتجارة، وهو ما يشير إليه أحد سكان مديرية برنيان في ولاية بانشير (شمال كابول) حاجي غريب، الذي يبيع الزبادي والحليب مع خبز التنور للزائرين إلى المناطق التي تشهد توافدا للزوار في الولاية.
يقول غريب لـ”العربي الجديد”: كنت في حالة معيشية هشة، كنت أكتفي بزراعة الأرض الصغيرة التي ورثتها عن أبي ولكن مع بدء السياح المحليين في التوافد إلى منطقتنا، بدأت في بيع ما يتوفر لدي من منتجات في منزلي، ولكن الأمر تطور، فبدأت أستعين بأبنائي في جمع الحليب من مزارعين، وبدأت أستعين بزوجتي وبناتي في إعداد الزبادي واللبن والخبز وزاد حجم عملي. نحن مشغولون طوال النهار وحتى في الليل بإعداد الأطعمة اللازمة للزوار، كما أن هذه الأعمال أصبحت مفضلة للكثير من أبناء قريتنا”. ويضيف أن المطاعم المحلية أيضا على أطراف نهر بانشير، تشهد نشاطاً.